نص الاستشارة:
السلام عليكم ورحمة الله، أخ لي كان حريصاً على الحفظ، وحضور الدروس العلمية والمحاضرات وفجأة تحوَّل إلى الدعوة ونجح نجاحاً باهراً، وكسب الكثير من الشباب، ولكن بدأ يترك الكثير من الأعمال، وحجته الترفية عن الشباب الجدد في الاستقامة، حتى وصل الأمر به إلى التهاون في صلاة الفجر، أطلب منكم نصيحة في كيفية التعامل معه، ولقد جربت الكثير من الطرق ولم تنجح.
الــــــرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالإنسان الموفَّق في هذه الحياة الدنيا هو الذي يوفقه الله لإكتشاف مكامن النجاح لديه ومسبباته والأمور المهيئة له، وتحول أخيك من حقل العلم والحفظ وحضور الدروس إلى حقل الدعوة وفي كل خير، ومن ثم نجاحه ذلك النجاح الباهر -كما تصفه أنت- في هذا المجال لهو دليل على أن مكامن النجاح لديه في هذا المجال، وهذا هو المفترض أن نعمل جميعنا على تحصيله سواء كان في مجال الدراسة أو العمل أو الوظيفة أو السلوك أو التوجهات أو غير ذلك من الأمور التي نعايشها بشكل يومي ما دمنا في هذه الحياة... حالة أخيك تذكرني بالكثيرين من الذين يعانون الفشل في هذه الحياة، سواء على المستوى الشخصي أو على المستوى الإجتماعي المحيط، ولا يدركون أن مكمن الفشل لديهم هو عدم تبصرهم وإكتشافهم لبؤرة النجاح لديهم، فلا يزالون يتخبطون يمنة ويسرة لفترة من الزمن حتى يقعوا عليها ويكتشفوها، أو قد لا يتمكنون من ذلك فتستمر لديهم دوامة الفشل ملازمة لهم وملاصقة طيلة حياتهم، فلا يخرجون من فشل وبؤس إلا ليقعوا في آخر.
أخي الكريم، أخوك يعلم ويدرك الواجبات الدينية وأهمية الصلاة والحفاظ عليها، إذ هي عمود الدين الذي لا يستقيم بدونه؟ وهو الداعي إليها صباحاً ومساءً من خلال برامجه الدعوية والتي إنشغل بالعمل بها، ولا أظنه يخفى عليه شيء من أمرها ولذلك يبقى دورك من وجهة نظري هو التذكير والنصح بين كل فترة وأخرى، وتستمر على تخوله بالنصيحة، ولا تظن أبداً أنه لا يأبه بها، كلا فالمرة بعد المرة ستؤدي إلى نتيجة بإذن الله.
وعليك بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة فإن ذلك هو الطريق الموصل إلى كل خير في الدنيا والآخرة.
ومع ذلك عليك أن تبين له أن ترك صلاة الفجر منكر عظيم لا يجوز لمسلم فعله، والإنسان إذا تعمد ذلك فإنه على خطر عظيم، لأن بعض العلماء قد ذهب إلى كفره بتعمد ترك أدائها في الوقت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» رواه أهل السنن بإسناد صحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» رواه مسلم.
فالواجب على هذا وعلى غيره من الذين يسهرون أن يتقوا الله وأن يتقدموا بالنوم ويسارعوا إليه حتى يستطيعوا أن يصلوا مع الناس صلاة الفجر، أما من يؤخر الصلاة حتى يقوم لعمله الدنيوي ثم يصليها بعد طلوع الشمس، فهذا منكر عظيم يستحق عليه التأديب والعقوبة الزاجرة ويستتاب فإن تاب وإلا قتل على هذا العمل، ويجب على ولاة الأمر أن يستتيبوه فإن تاب وإلا قتل كافراً أو حداً على الخلاف في هذا بين أهل العلم.
فالحاصل إن هذا منكر عظيم قد إبتلي به كثير من الناس، وأسبابه: السهر والتساهل في عدم النوم مبكرا، فإذا جاء وقت الصلاة فإذا هم أموات عاجزون عن القيام وهذا ليس بعذر لهم، فإن عليهم أن يتقوا الله وأن يبادروا بالنوم وأن يستعينوا بالساعات التي يسمعون صوتها عند أذان الفجر، أو بمن يوقظهم من أهاليهم أو غيرهم، ثم يصلون مع الناس، وليس لهم الصلاة بالبيت ولا الصلاة بعد طلوع الشمس كل هذا حرام ومنكر لا يجوز السكوت عليه، بل عليهم أن يقوموا في الوقت ويصلوا مع المسلمين في مساجدهم، وليس لهم تأخيرها حتى يصلوها في البيت ولو في الوقت، وليس لهم أن يؤخروها إلى ما بعد طلوع الشمس وهذا أنكر وأشد وأقبح، كما قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى.
كما يجب عليك بأن تحذره من ترك صلاة الفجر مع الجماعة، لأنه مشابهة لأهل النفاق، الواجب أن يصلي في الجماعة في المساجد، هذا هو الواجب كبقية الصلوات، الواجب أن تؤدى في الجماعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر» قيل لإبن عباس ما العذر؟ قال خوف أو مرض، وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى يستأذنه أن يصلي في بيته، فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم، قال: «فأجب» ، فإذا كان هذا أعمى ليس له قائد يؤمر بالصلاة في الجماعة في المسجد فالمبصرون من باب أولى، والواجب على المسلم أن يصلي في المسجد جميع الصلوات الخمس مع الجماعة كما ورد في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.